على سبيل التذييع والتسميع: ماذا يستطيع الشعر فعله هنا والآن؟ ماذا بمقدوره أن يضيف على عالم يتبنى طريقة أخرى عنوانها ومحجنها: تكنولوجيا الصورة والمعلومات، ونهجها القوة في كل شيء في الاقتصاد، في السياسة، في الرأي الواحد والوحيد ما أفضى إلى العولمة مباشرة في تصدير قيم معطاة ومعلبة؟ ومن ثم، هل يستطيع مع الابداع عموماء أن يسهم في فك الحصار عن كوى الضوء الباقية التي تفضح الظلام والغطرسة، وتشيئ الإنسان؟ هل يمكنه أن يلقي الحصاة، وينفذ الى ما وراء الدوائر والأشكال ويسير بالتصميم والإرادة، العتمات والمجاهيل، ليرجم بالورد والعطر، والندى طيور الدم والسماسرة، ومشعلي الحروب؟ ألا تقودنا هذه الأسئلة بعيدا عن الالغاز والاضمار إلى الكلام عن رسالة الابداع، وبالتالي الى مراجعة ما تکرس من مفاهيم متجاذبة متنابذة، عن كيفيات وماهيات الإبداع؟.. وطرق التواصل والتوصيل، وأسس التلقي والاستقبال؟! لكن أليس لهذه الرسالة من أقنية أخر، ومجالات تفعيل وتصريف.. لعل أهمها الصحافة والاعلام والمقال والتعليم، ثم كيف تشكل الشعر وانبنی وتبلور في العصور السحيقة حتى نعود إلى النشأة.. وإلى الطفولة البشرية؟ وهل له حدود إبستمية مرسومة بالطباشیر، وذائقة مورثة متفق عليها، ومعايير قياسية نرتد ونركن إليها غب الخلاف والاختلاف؟ وفي الألسن والجغرافيات المختلفة كلها، ألم يعتبر الشعر الحق سحرا وضوءا منقلتا هاربا متمنعة على القبض؟