تحضر أوروبا في الوعي العربي الإسلامي المعاصر في صورة «الغير» (كما يقول متكلمة الإسلام)؛ أي: «الآخر» (كما نقول اليوم) المخالف في العقيدة واللغة والثقافة. يعني ذلك أنها تحضر في صورة المناطقة في السلب بالنسبة لذات هي الإيجاب. وحيث إن «الذات» ترى نفسها نقيضا مطلقة «للغير» - فهي صورته المعكوسة أو المقلوبة - فإن «أوروبا تكون هي» غير الذات العربية الإسلامية. في هذه الدراسة نسعى إلى تبيين نمط حضور الوعي بالغير المخالف في أدب الرحلة بحسبانها جنس أدبية تتوافر فيه جملة من الخصائص، وفي الرحلة العربية المعاصرة خاصة، ونود - على وجه أخص - أن نستقصي الصورة التي تكون عليها أوروبا في الوعي العربي الإسلامي المعاصر عند الرحالين المغاربة. تلك سمات أخرى، مختلفة نوعا ما عما نعهده في الرحلة العربية عموما وفي الرحلة العربية عموما، وفي الرحلة العربية المعاصرة خصوصا، تجتمع في كتابات الرحالين المغاربة في الفترة التي تمتد من الشطر الأخير من القرن الثامن عشر إلى عشرينات القرن الماضي، وهذا مجال نظرنا في هذه الدراسة.