یذهب ریتشارد بیرل أبرز وأشهر رموز تیار المحافظین الجدد الأمریكیین في كتابه الأخیر "نهایة الشرّ" إلى القول أن حلم العالم الآمن الذي تسوده الدیمقراطیة والقانون في طریقه للتحقق، عن طریق القوة الأمریكیة المحررة التي بدأت من البوابة العراقیة وستشمل المنطقة التي تشكل استثناء وحیداً في مرحلة اكتمال مسار الحریة(أي المنطقة العربیة الإسلامیة ویعبر بیرل عن توجه استراتیجي هیمن على مراكز صنع الرأي والقرار في الولایاتالمتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، یتلخص في فكرتین أساسیتین:
أولاهما: أن مصدر العنف والإرهاب لیس اقتصادیا أو سیاسیا بل هو في أعماقه ثقافي وفكري، ولذا فإن الحرب على الإرهاب یجب أن تكون حرب أفكار لتمریر القیم اللیبرالیة التحدیثیة إلى النسق الإسلامي من خلال تشجیع عملیة إصلاح عمیقة لهذا الدین على غرار التجربة المسیحیة.
ثانیهما: أن مصدر العداء للولایات المتحدة راجع لأسباب داخلیة ذات صلة بتركیبة الحقل السیاسي في الدول العربیة-الإسلامیة التي تهیمن علیها حكومات استبدادیة، تتهم أمریكا بدعمها ضد شعوبها.
ولذا فإن ضمان مصالح الولایات المتحدة في المنطقة مرهون بتشجیع إصلاحات دیمقراطیة حقیقیة في العالم العربي-الإسلامي، وهكذا أصبح مطلب الإصلاح الثقافي والسیاسي حجر الزاویة في العلاقات الأمریكیة مع بلدان "الشرق أوسط الكبیر" حسب التسمیة الجدیدة، وانعكس حوار الإصلاح بقوة في الأدبیات السیاسات والفكریة العربیة- الإسلامیة، وفق اتجاهات متباینة، سنشیر إلى بعضها.