جاء موضوع الرسالة تحت عنوان " دور العمانيين في الملاحة والتجارة في المحيط الهندي منذ ۱۷۶۱ حتى ۱۸۵6 " وقد تناوب الحكم في عمان خلال هذه الفترة أئمة وسادة من أسرة البوسعيد ، والتي مازالت تحكم سلطنة عمان حتى اليوم ، وكانت تلك الفترة غنية بالأحداث سواء في داخل عمان أو خارجها ، ومن أهم الأحداث الداخلية في هذه الفترة تراجع دور الإمامة واكتساب الحاكم لقب السيد الذي ظهر مع قيام مسقط كعاصمة لعمان ، ومن الأحداث الخارجية التنافس التجاري في منطقة المحيط الهندي بين الدول التجارية المتنافسة والذي كان لعمان دور بارز فيه بحكم موقعها ونشاطها التجاري المتميز . ويعود سبب اختيار الباحث لهذا الموضوع ما تميزت به عمان من موقع إستراتيجي ، وما يوجد بها من شواطيء طويلة وموانيء صالحة لرسو السفن ، مما جعل سكانها يعملون بالتجارة البحرية منذ زمن بعيد، وأدى ذلك إلى تطورهم في صناعة السفن واكتسابهم خبرات كبيرة في ارتياد البحر ، فتفوقوا في مضمار التجارة مما جعل أسطولهم البحري التجاري والعسكري يضاهي أساطيل الدول الكبرى في ذلك العصر ، وبالتالي دخولهم في معترك الحياة التجارية والسياسية مع تلك الدول ، وتوقيعهم لكثير من الاتفاقيات التجارية معها .
أدى اشتغال العمانيين بالتجارة البحرية في السواحل الشرقية من جزيرة العرب إلى جعل اتصالاتهم بمنطقة المحيط الهندي وشرق إفريقيا شيئا مألوفا ، وقد برع هؤلاء في ركوب البحر وصاروا أخبر الناس في السفر عبر البحار وأعلمهم بمهاب الرياح الموسمية ومواعيدها ؛ مما جعلهم يستحوذون على جانب كبير من النشاط الملاحي في المحيط الهندي وشرق إفريقيا ، وقد كان الموقع عمان الاستراتيجي أثر إيجابي في ما وصل إليه العمانيون من تطور في هذا المضمار ، كما كان له أثر سلبي في جنب الاستعمار الغربي إلى سواحل بلادهم . وقد كانت علاقة العمانين بشرق إفريقيا علاقة متينة ، وقد ساعد قرب السواحل الشرقية لإفريقيا على تقوية ذلك الارتباط ، وكذلك المجرات العمانية المتواصلة إلى تلك الناحية ، ومن ثم وجود سلع في الجانب الإفريقي نادرة ، مثل الذهب والحديد، والعاج، والبهارات وكان أهمها القرنقل ، وغير ذلك من السلع. كشفت الدراسة عن العوامل الجغرافية والسياسية التي أهلت عمان لتعلب دورا رئيسيا في الملاحة والتجارة في منطقة المحيط الهندي منذ عام 1741 حتى 1856. كما أوضحت الدور الذي قام به العمانيون في مد الأسواق والموانيء الخليجية ، وموانيء الدول المجاورة بما تحتاجه من سلع الشرق الغنية ، وكذلك أثر الوضع السياسي والتجاري خلال فترة البحث. وقد كشفت الدراسة عن الدور الذي لعبة العمانيون في تطوير بلادهم لتكون من الدول ذات العلاقات التجارية المتينة مع مختلف الدول الأوربية ، ومع الولايات المتحدة الأمريكية وشرق إفريقيا والهند وغيرها من الموانيء التجارية في ذلك العصر ، الأمر الذي مكنها من الارتباط مع هذه الدول باتفاقيات تجارية ، ساهمت في ازدياد ثروة البلاد وعن سكانها . وقد أجابت الدراسة عن عدد من التساؤلات من أهمها ما يلي :