نتج الاهتمام بالبحث في هذه المسألة عن سؤال مؤداه: لو كانت اللغة العربیة تحتل الیوم مكانة الإنجلیزیة على الصعید العالمي فكیف یقدَّر لصورة الإسلام في الغرب أن تكون؟ ولما كان السؤال مبنیاً على افتراض لیس بواقع وبحثاً عن إجابة واقعیة ومقنعة قدر الإمكان، فقد طرحت السؤال على نحو مخالف: كیف یمكن أن یكون هناك حقل دراسات عریق ومتسع المجالات یدعى (دراسات الاستشراق أو الدراسات الشرقیة) في الغرب ولا تزال هذه الحالة المزمنة من (النفور الحضاري) بین الشرق والغرب تسیطر على العالم المعاصر. وبكلمات أخرى: لو كان هدف الدراسات الإسلامیة على نحو خاص هو فهم واستیعاب الإسلام وعالمه فلماذا یثار موضوع العلاقة بین الإسلام والغرب دوماً في اطار
من السلبیة والتضاد؟ سوف أحاول من خلال هذه المقالة -بكل إیجاز ممكن- أن أفتش عن جزء من الإجابة على هذه التساؤلات. ولما كانت اللغة هي أداة الدیانة الأولى -كل دیانة- ذلك أنه في بؤرة العقیدة الخاصة بكل الدیانات هناك (نص) مقدس، فإنني اعتبرُ أن القوالب الدینیة عن الإسلام في الغرب ترجع بالأخص إلى جهل باللغة العربیة ومدلولاتها أو -أحیاناً- إلى حالة من اللبس اللغوي بین المسلمین أنفسهم فیما یخص تأویل بعض النصوص، وهذه الحالة تصدّر مفاهیم جاهزة للقبول إلى العالم الغربي. وفي هذا المبحث محاولة لصیاغة علاقة اللغة العربیة بالاستشراق، بالتركیز على علاقة العربیة بالإسلام والدراسات الإسلامیة في الماضي والحاضر.