إن أبرز مشكل يواجه اللسانيات في الثقافة العربية هو تمحورها حول الجانب النظري، ومن هنا فمن اللازم الانتقال في البحث اللساني العربي من التنظير والترجمة ونقل المفاهيم الغربية، وإخضاعها للقوالب النحوية العربية، إلى التطبيق الفعلي المرتبط بمجالات حيوية تسهم في تطوير الممارسة اللغوية العربية، وجعلها قادرة على تحقيق الطموح المتعلق بجعل البحث في اللغة العربية في مستوى التحديات التي يفرضها مجتمع المعرفة في العصر الراهن, ولعل أهم مجال يجب الاهتمام به في تطبيق النظريات والمفاهيم اللغوية سواء أكانت مستوردة أم من إنتاج عربي- هو المرتبط بتعليم اللغة العربية. يتعلق الأمر إذن بضعف في الخطاب الديداكتيكي المتعلق بتدريس اللغة العربية في الوطن العربي، ويتجلى ذلك واضحا عندما نقارن ما يكتب عن ديداكتيك تدريس اللغة في لغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية بما يكتب حول ديداكتيك اللغة العربية، فمقابل مئات الكتب التي تؤلف حول ديداكتيك اللغة الإنجليزية أو الفرنسية مثلا سواء للناطقين أو غير الناطقين بهما- يقف الباحث مستغربا أمام ندرة كتب وبرامج مخصصة لديداكتيك اللغة العربية. ومن هنا ستحاول هذه المداخلة مقاربة جانب مهم مرتبط بديداكتيك اللغة العربية، وهو توضیح علاقة البحث اللساني بديداكتيك اللغة العربية، والوقوف عند مختلف النظريات اللغوية، ورصد مدى قدرتها على إنتاج خطاب دیداكتيكي ملائم لتدريس اللغة العربية.