تنزع العولمة إلى توحيد العالم، طوعا أو قسرا، في مختلف مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها، مع ما يحمل هذا التوحيد من مخاطر جدية لإلغاء التنوع الثقافي. رغم ذلك، ساهمت العولمة فعلا في تدفق الأفكار وبناء مجتمع المعرفة من طريق نشر ثمرات العلم والانفتاح الثقافي. تشدد مقولات العولمة الأساسية على إعطاء الأولوية المطلقة لنشر العلوم العصرية والتكنولوجيا المتطورة. وهي تهمش ثقافات كثيرة، تراثية ومعاصرة، عند العرب ولدي جميع شعوب العالم. حتى أن كبار مثقفي العالم من الذين ينشرون أعمالهم بلغات غير الإنجليزية يشعرون بنوع من التهميش المتزايد لأعمالهم في مراكز الأبحاث التي تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة أساسية لعصر العولمة. لذلك تحاول النظم السياسية والاقتصادية والثقافية اليوم أن تتفاعل إيجابيا مع مقولات العولمة وثقافتها. وأبرز تلك المقولات: الديمقراطية على المستوى السياسي، والليبرالية على المستوى الاقتصادي، والعلوم العصرية والتكنولوجيا المتطورة على المستوى الثقافي، ودولة القانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة والكفاءة الشخصية على مستوى المؤسسات. وهي دولة مدنية بالضرورة، ترفض كل أشكال الحكم العسكري والأنظمة الديكتاتورية والتسلطية، وتحترم حقوق الإنسان، وتطبق مبادئ الأمم المتحدة، وتدعم التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.