إنّ الموضوع الذي أرید التحدث فیه هو موضوعٌ بالغ الحساسیة، إذ یقعُ، كما یمكن لنا أن نزعُم، في قلب النقاش الأوروبي العامّ. وسأُركّز النقاش في بلدي، في هولندا. ولستُ أُعلّل هذا التركیز بأنني أعرف الموضوع وأعیشُهُ في هولندا فقط؛ بل ولأننا في مملكة هولندا في مرحلةٍ حسٍّاسة جداً من مراحل الحوارات والتقاطعات والتحولات، والتي تسبّب فیها حادثان اثنان بارزان؛ سمع بهما ولا شكّ كثیرٌ من العرب والمسلمین.
الحادث الأول : مقتل الصحافي الهولندي تیوفان كوخ في 2 نوفمبر عام 2004 م بأمستردام، والذي أحدث صدمةً كبیرةً، لیس لدى الهولندیین بعامةٍ وحسب؛ بل ولدى المسلمین من بینهم والمقیمین بین ظهرانیهم.
أما الَحَدثُ الآخرُ الذي ترك تأثیراتٍ عمیقةً في الوعي والواقع فهو الاستفتاء الذي جرى في هولندا على الدستور الأوروبي. ویمكن القول إنّ النتائج السلبیة للاستفتاء فاجأت كثیرین بداخل هولندا وخارجها. والعلةُ الأولى للتفاجؤ أن الهولندیین معتبَرون من بین الآباء المؤسسین للفكرة الأوروبیة وللاتحاد الأوروبي.