وثيقة
المجتمع المدني في الفكر الإسلامي : الاختلاف القدیم و التعددیة الحدیثة
الناشر
وزارة الأوقاف و الشوؤن الدينية
ميلادي
2004
اللغة
العربية
الموضوع
المجموعة
URL المصدر
zcustom_txt_2
الموصللي، أحمد(2004). المجتمع المدني في الفكر الإسلامي : الاختلاف القدیم والتعددیة الحدیثة.مجلة التفاهم،(8)،1-14.استرجع من https://tafahom.mara.gov.om/storage/al-tafahom/ar/2004/008/pdf/04.pdf
الملخص العربي
ن الدور المدني للمهن والحرف والحركات الدینیة آخذ بالتراجع، كما أسلفنا، منذ أواخر القرن التاسع عشر وانتهى نهائیاً مع ظهور الدولة الحدیثة والنقابات المهنیة في القرنین التاسع عشر والعشرین. فتم استیعاب الأسواق الإسلامیة في الأسواق العالمیة مما أدى إلى زوالها وزوال المجتمع المدني الذي بنته. وشهدت المدینة الإسلامیة ضمور المؤسسات الحقیقیة للمجتمع المدني واستبدالها بمؤسسات حكومیة لم تتمكن من القیام مقام المؤسسات الأولى ذات الاستقلالیة من حرف ومهن وصوفیة.( 29 ) ومن مؤسسات المجتمع المدني المهمة التي وجدت في المجتمعات الإسلامیة هي الأقلیات الذین حافظوا على كیاناتهم عبر
حریة الالتزام بتعالیمهم وقوانینهم ونصوصهم. فقد لعب رؤساء طوائف الأقلیات دوراً محوریاً مشابهاً لدور شیوخ الحرف والمهن والصوفیة وكان لهم حریة كبیرة في إدارة الشؤون الداخلیة. وللتعددیة أهمیة كبیرة في بناء الهویة، والتي تتطلب الاعتراف بحق الاختلاف بین فرد وآخر وبین جماعة وأخرى. وهي الیوم من الأمور المطروحة على المستوى العالمي. فكل جماعة بشریة تختزن تعددا في الآراء مما یعكس حالة طبیعیة بین البشریة. إلا أن مفهوم الوحدة هو بناء عقلي. بهذا المعنى، كل ثقافة هي مشروع لتنظیم الجماعة في وحدة معینة.
ویظهر التاریخ أن التعدد هو مبدأ التطور وأصله. إن رفض صحة التعددیة السیاسیة والاختلاف هو إحدى الإشكالیات الكبرى في الفكر الإسلامي. فالاختلاف -لا التوحد- هو الخاصیة الأساسیة للفكر والتنظیم السیاسي الإسلامي. فبعد وفاة النبي -صلى الله علیه وسلم- مباشرة بدأت الاختلافات حول طبیعة الحكم السیاسي وتطورت فیما بعد إلى رؤى أیدیولوجیة متكاملة وإلى تیارات سیاسیة مازالت قائمة في الوعي الإسلامي الاجتماعي حتى الیوم. فالاختلافات حول الخلافة أنتجت تعددا في الرؤى حول طبیعة الخلافة وارتباطها مع المجتمع السیاسي. فالمشروعیة السیاسیة لم تنبع من القوة بل توقفت على الروابط الاجتماعیة. وبالرغم من هذا، تحتاج المشروعیة السیاسیة في الإسلام تبریراتها الدینیة والعقلیة. فالقرآن الكریم، النص الإسلامي الأول، تحول إلى أداة للمشروعیة السیاسیة في مقابل توظیف القوة المجردة. وعبر القرون الغابرة كان هذا النص مشرع للتعددیة والخطابات المختلفة التي ارتبطت بالقوة ومصالح المجموعات المختلفة وتنظیماتهم الاجتماعیة. وبما أنه لم یكن هناك جماعة لها حق الحكم التلقائي، كان هذا الحق یعود للجمیع الذین كان علیهم التفكیر في الطرق المثلى للحكم وصفات الحاكم والطبیعة السیاسیة للتنظیم الاجتماعي والالتزام الدیني والحریة العامة. فالشریعة الإسلامیة تطالب بتغییر المنكر في الحیاة الإنسانیة سواء كان الذي یسببه شخصاً أو جماعة أو نظام ما. فالنبي -صلى الله علیه وسلم- أمر المؤمنین بتغییر أحوالهم لما هو أفضل. وعلى الجماعة واجب المشاركة في معالجة قضایا المجتمع. من أفضل
الأمثلة على هذا هو تطور المذاهب الفقهیة والمدارس الكلامیة والطرق الصوفیة، وهي تماثل الیوم في وظیفتها الأحزاب السیاسیة. فالأحزاب التي تُعتبر طرقاً حدیثة في معالجة القضایا الاجتماعیة والسیاسیة وتهدف إلى خیر المجتمع هي ضرورة حدیثة. إن مصطلح "الحزب" كمجموعة سیاسیة لم یكن معتمداً في الأدبیات السیاسیة الإسلامیة حتى أواخر القرن التاسع عشر، مع أن مصطلح الحزب في دستور المدینة كان له مدلول سیاسي. كما أنه مذكور في القرآن الكریم للتفرقة بین حزب الله وحزب الشیطان. فحزب الله یشتمل على المؤمنین بالله ورسله وهم حزب التوحید، أما حزب الشیطان فیشتمل على من لا یؤمنون بالتوحید أو تناسوه وحاربوا النبي -صلى الله علیه وسلم- وحاولوا تفتیت المجتمع( 30 ). فمصطلح الحزب إذاً، كان مقتصراً على قضایا الإیمان والكفر. أما الیوم فالحزب هو من أهم مقومات المجتمع المدني وخصائصه.__.
حریة الالتزام بتعالیمهم وقوانینهم ونصوصهم. فقد لعب رؤساء طوائف الأقلیات دوراً محوریاً مشابهاً لدور شیوخ الحرف والمهن والصوفیة وكان لهم حریة كبیرة في إدارة الشؤون الداخلیة. وللتعددیة أهمیة كبیرة في بناء الهویة، والتي تتطلب الاعتراف بحق الاختلاف بین فرد وآخر وبین جماعة وأخرى. وهي الیوم من الأمور المطروحة على المستوى العالمي. فكل جماعة بشریة تختزن تعددا في الآراء مما یعكس حالة طبیعیة بین البشریة. إلا أن مفهوم الوحدة هو بناء عقلي. بهذا المعنى، كل ثقافة هي مشروع لتنظیم الجماعة في وحدة معینة.
ویظهر التاریخ أن التعدد هو مبدأ التطور وأصله. إن رفض صحة التعددیة السیاسیة والاختلاف هو إحدى الإشكالیات الكبرى في الفكر الإسلامي. فالاختلاف -لا التوحد- هو الخاصیة الأساسیة للفكر والتنظیم السیاسي الإسلامي. فبعد وفاة النبي -صلى الله علیه وسلم- مباشرة بدأت الاختلافات حول طبیعة الحكم السیاسي وتطورت فیما بعد إلى رؤى أیدیولوجیة متكاملة وإلى تیارات سیاسیة مازالت قائمة في الوعي الإسلامي الاجتماعي حتى الیوم. فالاختلافات حول الخلافة أنتجت تعددا في الرؤى حول طبیعة الخلافة وارتباطها مع المجتمع السیاسي. فالمشروعیة السیاسیة لم تنبع من القوة بل توقفت على الروابط الاجتماعیة. وبالرغم من هذا، تحتاج المشروعیة السیاسیة في الإسلام تبریراتها الدینیة والعقلیة. فالقرآن الكریم، النص الإسلامي الأول، تحول إلى أداة للمشروعیة السیاسیة في مقابل توظیف القوة المجردة. وعبر القرون الغابرة كان هذا النص مشرع للتعددیة والخطابات المختلفة التي ارتبطت بالقوة ومصالح المجموعات المختلفة وتنظیماتهم الاجتماعیة. وبما أنه لم یكن هناك جماعة لها حق الحكم التلقائي، كان هذا الحق یعود للجمیع الذین كان علیهم التفكیر في الطرق المثلى للحكم وصفات الحاكم والطبیعة السیاسیة للتنظیم الاجتماعي والالتزام الدیني والحریة العامة. فالشریعة الإسلامیة تطالب بتغییر المنكر في الحیاة الإنسانیة سواء كان الذي یسببه شخصاً أو جماعة أو نظام ما. فالنبي -صلى الله علیه وسلم- أمر المؤمنین بتغییر أحوالهم لما هو أفضل. وعلى الجماعة واجب المشاركة في معالجة قضایا المجتمع. من أفضل
الأمثلة على هذا هو تطور المذاهب الفقهیة والمدارس الكلامیة والطرق الصوفیة، وهي تماثل الیوم في وظیفتها الأحزاب السیاسیة. فالأحزاب التي تُعتبر طرقاً حدیثة في معالجة القضایا الاجتماعیة والسیاسیة وتهدف إلى خیر المجتمع هي ضرورة حدیثة. إن مصطلح "الحزب" كمجموعة سیاسیة لم یكن معتمداً في الأدبیات السیاسیة الإسلامیة حتى أواخر القرن التاسع عشر، مع أن مصطلح الحزب في دستور المدینة كان له مدلول سیاسي. كما أنه مذكور في القرآن الكریم للتفرقة بین حزب الله وحزب الشیطان. فحزب الله یشتمل على المؤمنین بالله ورسله وهم حزب التوحید، أما حزب الشیطان فیشتمل على من لا یؤمنون بالتوحید أو تناسوه وحاربوا النبي -صلى الله علیه وسلم- وحاولوا تفتیت المجتمع( 30 ). فمصطلح الحزب إذاً، كان مقتصراً على قضایا الإیمان والكفر. أما الیوم فالحزب هو من أهم مقومات المجتمع المدني وخصائصه.__.
قالب العنصر
مقالات الدوريات