إن التصور القائم لدى العامة بجعلهم يخلطون على نحو نظري بين المصطلحين، وإن كانت الصورة بطريقة عملية تكشف عن طبيعة ممارسات رجال (الدولة) الذين يشغلون مواقع السلطة في الحكومة)، ويتصرفون وفقا لتلك السلطة المخولة لهم. وهكذا يبدو مصطلح الدولة تجريدا نظرية يصعب على العامة فهمه، ولذا يجب التمييز كما يرى Kantorowicz بين المنصب Office والشخص Person حتى لا يأخذ المنصب صورة تجسيدية. ويقودنا ما سبق إلى البحث في الاشتقاق اللغوي لكلمة دولة State فإذا بها منحدرة من أصل لاتيني ومشتقة من Stare التي تعني «أن يقوم»، وعلى وجه الخصوص مشتقة من Stauts بمعنى (موقف أو وضع أو ظرف)؛ لكن ثمة اختلافا أو فارقة بين هذا الاشتقاق اللغوي وما يحدث على أرض الواقع من خلال الممارسة السياسية. ويفضي بنا هذا الأمر إلى النظر في الدولة بوصفها مفهوما معقدة، يستعمل من خلال ثلاثة سياقات على الأقل السياق الفلسفي، والسياق القانوني، والسياق السياسي، وتبدو تلك السياقات مرتبطة تاريخية، وفي الإطار الاجتماعي الأكثر اتساعا، وقد كانت النظرة الكلاسيكية للدولة بمثابة صورة تجريدية لأفكار السلطة (القوة ) Power والنفوذ (السلطة) Authority... وفي نهاية العصور الوسطى أصبحت فكرة الأراضي المستقلة Independent territories، التي تسيطر على حدودها سلطة عليا من داخلها، وتفرض مصدرا وحيدا للقانون أمرا متعارفا عليه، وقد أطلق «بودان» Bodin على هذه القدرة أو السمة المميزة اسم «السيادة» Sovereignty لتصبح هذه السمة لازمة للدولة.