حظي مفهوم جودة الحياة باهتمام كبير في مجالات الطب والاجتماع والاقتصاد وعلم النفس والتربية، وتعددت استخدامات الجودة بصورة واسعة، مثل جودة الحياة، وجودة الخدمات، وجودة التعليم،
ويعد مفهوم جودة الحياة الوظيفية من القضايا الإدارية التي احتلت مكانة متميزة في أدبيات إدارة الموارد البشرية، فهو يحتوي على العديد من العناصر التي تمس أداء المنظمة مباشرة وتؤثر عليها، وهذا المفهوم رغم أنه قد يبدو مقصورة على البيئة المباشرة للعمل، إلا أنه يلمس أيضا الحياة الشخصية للأفراد.
إن مفهوم جودة الحياة الوظيفية يرتبط ارتباطا وثيقة مع الكثير من المفاهيم ومن أهمها تحقيق التميز في الأداء الذي ينتج عن النمو المتكامل للشخصية الإنسانية بجوانبها النفسية والعقلية والاجتماعية والجسمية والعملية، وعليه فإن الشعور بالتميز في الأداء يجعل تقدير الذات أفضل وبالتالي فهو يسهم في جودة الحياة الوظيفية.
كما نال مفهوم الأداء الوظيفي نصيب وافر من الاهتمام والبحث في الدراسات الإدارية بشكل عام، وفي دراسات الموارد البشرية ومجال علم النفس والمؤسسات بشكل خاص، وذلك الأهمية المفهوم على مستوى الفرد والمنظمة والتداخل المؤثرات التي تؤثر على الأداء وتنوعها، ويعد الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهداف العمل، والبحث عن قيادات جديدة في المنظمة عن طريق إعادة تصميم هياكلها، ومحاولتها إشراك العاملين في وضع السياسات بصورة أكبر واستخدام نظام حلقات الجودة، وابتداع حوافز جديدة للجهود القرية الملموسة لتحقيق غاية واحدة وهي تحسين الأداء.
إن مفهومي جودة الحياة الوظيفية والأداء الوظيفي يشكلان ظاهرة جديرة بالاهتمام والدراسة للتعرف على طبيعة العلاقة بينهما لدى الموظفين في وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان في ضوء بعض المتغيرات، حيث ترجع أهمية الدراسة إلى أهمية موضوعها والی الندرة النسبية في الأبحاث والدراسات التي تناولت جودة الحياة الوظيفة عامة وجودة الحياة الوظيفية وعلاقتها بالأداء الوظيفي خاصة، وذلك من خلال إشكالية الدراسة التي تبحث واقع جودة الحياة الوظيفية في وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان، وأثر ذلك على الأداء الوظيفي.
في المرحلة الأولي لهذه الدراسة، تم استقراء المصادر الأولية والثانوية والتقارير والكتب المؤلفة والمترجمة والرسائل العلمية والبحوث والمقالات المنشورة في الدوريات العلمية التي تناولت موضوع جودة الحياة الوظيفية، وموضوع الأداء الوظيفي، من أجل تكوين خلفية نظرية للدراسة الحالية.
في المرحلة الثانية، تم استخدام مدخل المسح الاجتماعي بالعينة من أجل استقصاء آراء أفراد عينة البحث نحو محاور الدراسة بهدف جمع المعلومات والبيانات التي يرتكز إليها الجائب التطبيقي للدراسة، حيث تناول الباحث بالدرس والتحليل المفاهيم التالية (جودة الحياة، جودة الحياة الوظيفية، الأداء الوظيفي).
وخرجت الدراسة بالعديد من النتائج المهمة، ففيما يتعلق بمتغير جودة الحياة الوظيفية توصلت الدراسة إلى أن العاملين في وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان يعتبرون أن الظروف التي يعملون فيها تتميز عموما بجودة حياة وظيفية مرتفعة وتسهم في تحسين مستوى الأداء الوظيفي والذي بدوره ينعكس إيجابا على تحسين قدراتهم وإسهاماتهم في جميع الجوانب العملية والشخصية.
أما فيما يتعلق بمتغير الأداء الوظيفي، توصلت الدراسة إلى أن العاملين في وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان يتمتعون بأداء وظيفي مؤثر وإيجابي، مع وجود علاقة طردية بين جودة الحياة الوظيفية ومجالاتها، والأداء الوظيفي.
وخرجت الدراسة بالعديد من التوصيات والمقترحات التي من بينها، تعزيز وتطوير وتحديث بيئة العمل، من خلال وضع نظم كاملة من أدوات ووسائل وبرامج ومعدات تسهل على الموظفين عملهم، وبما يسهم في تحقيق الجودة الوظيفية وتحسين الأداء، وكذلك ضرورة استخدام المعايير والمقاييس التي تهدف إلى تحقيق معدلات العمل المطلوبة، والتي تسهم في تحقيق معايير الجودة، وثلك من خلال التطوير المستمر والتحديث لتلك المعايير وبما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة، فضلا عن إجراء دراسة علمية للتعرف على العوامل التي تؤثر في جودة الحياة الوظيفية ومستوى الأداء الوظيفي في المؤسسات الحكومية الأخرى بسلطنة عمان.