إذا كانت "الثقافة" وفق المصطلح الإثنولوجي تفترض الدیمومة والثبات، لنمط معین من الحیاة لدى جماعة أو قوم، بل تفترض عند الباحثین البنیویین -ولا سیما الألسنیین منهم- بعداً عمیقاً "لا واعیاً" یقبع في مستوى ما تختزنه اللغة مكتوبةً ومحكیةً من دلالات في المعنى والرمز -فإن طرح موضوع الثقافة العربیة بهذا المعنى- یستحضر جملةً واسعة من حقول الدراسة الإثنولوجیة: الأساطیر والرموز والمآكل والنذور وزیارة الأولیاء والأمثال والحكم والفنون ومجالات اللعب والتسلیة وتقنیات الحیاة الیومیة وأنماطها، والحیاة السیاسیة والنظم، ومن بینها نظم القرابة والأسرة وصولاً إلى السلوكات التي تعبر عن نفسها بأشكال شتى من العلاقات، من بینها الاجتماعات والمجالس والزیارات، وصولاً إلى القیم الكامنة وراءها المعلنة في الكلام أو النصوص أو الكامنة في
القناعات والضمائر.