على مسار تاریخ طویل من فجر الإسلام وحتى اللحظة المعاصرة، ظلّت الآیة القرآنیة الكریمة(یا أیها الذین آمنوا علیكم أنفسكم لا یضركم من ضل إذا اهتدیتم إلى الله مرجعكم جمیعا فینبئكم بما كنتم تعملون) تثیر الكثیر من الإشكال كما نقول بلغتنا الیوم، وتدفع باتجاهین، إما التسامح مع الآخر بكل صنوفه وأشكاله، لأن المرجعیة في النهایة لله "إلى الله مرجعكم جمیعا" أو إلى القوامة علیه وفرض الدین علیه بالقوة كما تذهب إلى ذلك بعض التأویلات الجدیدة، وأخص منها بالذكر تأویل سید قطب في "ظلال القرآن" الذي سنقف عنده، بوصفه الوحید الذي أشاح بوجهه عن التفاسیر القدیمة، وعن المناحي التي ذهب إلیها المفسرون، قاطعا معها ومحملا الآیة الكریمة من الحمولات الإیدیولوجیة الكثیر، والتي من شأنها تقسیم العالم إلى دارین وفسطاطین، دار الإیمان ودار الشرك، وحیث لا یستقیم الأمر إلا بفرض القوامة على الآخر وإهدائه إلى سواء السبیل. نتعرض في كتابتنا لأمور أربعة:
الأول : ویبحث في الإشكالیات الفكریة والدینیة التي أثارتها الآیة الكریمة على صعید بعض المفسرین، القدماء منهم والمحدثین.
الثاني: ویتناول الحمولة الذهنیة والإیدیولوجیة التي حمّلها بعض المؤولین الإسلامیین المعاصرین للآیة الكریمة من رؤیة متطرفة تقود إلى مسارات ضیقة في علاقة الأنا بالآخر.
الثالث: یعرض النتائج التي نجمت عن هذا التفسیر/ الفتنة.
أمّا الرابع: فیحكمه التساؤل: كیف السبیل إلى فهم وفعل تنویریین ینهضان على قاعدة التسامح مع الآخر وتجاوز المعادلات المستحیلة الحل.