يؤشر أودن Wystan Auden الشاعر والناقد الأمريكي، الانجليزي المولد (1907-1967) في كتابه "محنة الشاعر في أزمنة المدن" واقعا للانهيار التراجيدي لمكانة الشاعر في أزمنة المدن الحديثة وعمق المواجهة والاصطدام بين رؤيته الجمالية، ونفعية المدينة، ذلك الانهيار الذي جاء نتيجة فقدان الفنون الجميلة لبعض قيمتها، فهو يرى أنه منذ اختراع الطباعة وانتشار القراءة والكتابة، لم يعد الشعر قيمة منفعية كوسيلة لانتقال المعرفة والتراث من جيل إلى آخر وبذلك أصبح فنا "بحتا" بعبارة آخرى نشاط لا يرجى منه كسب مادي، كما أن المجتمع الذي أصبحت تهيمن عليه "قيم تتماشى مع مصلحة العمال" لم يعد فيه عمل الفنان مقدسا، خلافا لما كان عليه غالبية الحضارات السابقة، حتى أن الأعمال الفنية أصبحت موضع شك وريبة، وفي أفضل الأحوال فإن كتابة الشعر "أصبحت تعتبر هواية خاصة لا ضرر منها".