لطالما رثاها المفكرون والأدباء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر قائلين: "ما لم يفعله البرابرة فعله آل بربريني". انتابهم حزن عميق بسبب خراب روما الذي خلفته عائلة بربريني الجوثية والأمراء القوطيون في روما في القرن السابع عشر، وربما يعاود هذا الحزن الكرة مرة أخرى في يوم من الأيام إذا ما نظر المرء لهذا الدمار الذي نقلته عدسات شهود الماضي، أو إذا ما انجلى الإهمال والتقاعس في استحضار تلك الشهادات التي لا يمكن استرجاعها والتي كانت واقعا في البلدان العربية، ولو أن الوضع لا يقتصر على البلدان العربية وحدها. مع مطلع القرن الثالث عشر كتب العالم العربي ياقوت الحموي في مجلده الثالث، صفحة 496: "الطائف مدينة صغيرة رغم عظم اسمها"، والحقيقة أن الاسم والشهرة التي وصفت بهما الطائف كانا دائما أعظم من كونها تقتصر على مسمى مدينة، فالطائف - القابعة بجوار مكة والمدينة المنورة- كانت أحد أبرز الأماكن خلال الحقبة البطولية لعصر صدر الإسلام، التي ولدت من رحمها أبرز الشخصيات التي كان لها دور جوهري في البطولات والمعارك الحاسمة في بزوغ فجر الإسلام، ومع ذلك، لم يكن الإسلام قائدا لهذا الرخاء والنماء الدائمين في الطائف، وهذا ما أضفي تمييزا واضحا بين مصيرها ومصير الحرمین الشریفین: مكة والمدينة والمنورة.