ذهب علماء الاجتماع والإنث روبولوجیا الغربیین الذین درسوا الشعوب الإسلامیة عامة والمجتمع التونسي خاصة، في الفترة السابقة عن الاستعمار- إلى إهمال دور علماء الدین في مسیرة النهضة وظهور الحركة الوطنیة واستجاباتهم لمسائل الإصلاحات السیاسیة والدستوریة التي ظهرت في القرن التاسع عشر، "لكونهم لم یسهموا إلا كعناصر ثانویة في أهم التیارات التاریخیة" آنذاك وقد تردد هذا الرأي عند المثقفین التونسیین وتبنّته النخبة السیاسیة التي تحمّلت مسؤولیة الاستقلال وبناء الدولة التونسیة الحدیثة، بل اعتبرت -منذ بدایة الخمسینات من القرن العشرین- علماء الدّین المتمحورین بشكل من الأشكال حول "الزیتونة" من معیقات بناء المجتمع الحدیث والدولة العصریة وكانت النتیجة إرساء فلسفات تربویة وثقافیة لا یجد علماء الدین فیها إلا مكانا هامشیا، ومع مرور الوقت منعدما. وبُنِیَتْ المؤسسات التعلیمیة، والجامعیة منها بشكل أساسي،على أساس الفصل بین ما هو دیني وما هو علمي، وأصبحت الثقافة الدینیة نفسها تُدَرَّس ضمن أقسام العلوم الإنسانیة المخصصَّة لتاریخ الأفكار أو الانثروبولوجیا أو الفلسفة وغیرها