هذا بحث نظري ينشغل بالعلاقة بين التراث ومنجزات الصناعات الثقافية الحديثة وتحديدا منها تلك المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من وجهة فكرية فلسفية عامة، لا من وجهة تقنية تفصيلية جزئية، يهتم بالفكرة نفسها وجدواها وآثارها وحدودها وضوابطها، ولا يدخل في أدواتها و حاجاتها ومتطلباتها.
وإذا كان التراث أنواعها: التراث المادي، وغيره، فنحن معنيون بغير المادي وإذا كان غير المادي نوعين: مكتوبا وشفاها؛ فإننا سنكتفي بالمكتوب، ثم إن المكتوب يشمل المخطوط (الذي ما زال بخط اليد) وغيره، أي الذي انتقل عبر الآلة إلى الشكل الذي نعرف (الكتاب المطبوع) وسننشغل أساسا بالنوع الأول (المخطوط). وانشغالنا ب(المخطوط) ليس على إطلاقه بداهة، لما تقدم، بل في علاقته بالمنجز الحديث، وإلا فإن للتراث إشكالياته وهمومه الكبيرة المتصلة بحضوره في حياتنا الثقافية، ومكانته، وأشكال قراءته، وطرق توظيفه، والإفادة منه. إن علاقة التراث بهذا المنجز إشكالية كبيرة، بدون حلها، ستتأثر الإشكاليات السابقة وغيرها، مما يعني غياب تأثير التراث وضعفه على الأقل في الوعي الجمعي لأصحابه.