في كل مجتمع بشري حديث توجد ثلاثة تكوينات أساسية: المؤسسات التقليدية، الدولة، المجتمع المدني، ويشكل التفاعل فيما بينها مستوى ما يمتع به المجتمع من رأس مال اجتماعي، ويعني قيم التضامن والثقة والاحترام المتبادل التي تسود العلاقات ما بين الأفراد في المجتمع. يقصد بالمؤسسات التقليدية التكوينات الاجتماعية التي تكون العضوية فيها غير تطوعية، أو بمعني أدق إجبارية تترتب على صدفة الميلاد، مثل عضوية الأسرة، القبيلة، العشيرة، الجماعة الدينية، إلخ. تمتاز هذه التكونيات بارتفاع ما نطلق عليه (النزعة الاستبعادية)؛ حيث تضم كل من ينطبق عليه شروط العضوية، وتغلق الباب أمام الآخرين المختلفين، وتجعل عضويتها غير مفتوحة أمام من يطلق عليهم: (الأغيار)، والأعضاء المنتمون إليها في حالة التزام دائم بالقيم والتقاليد والأعراف المعمول بها، وأي خروج عليها يترتب عليه درجات من العقاب تتراوح ما بين اللوم الاجتماعي والإيذاء البدني. أما الدولة فهي الكيان السيادي الأكبر الذي يحتكر ممارسة السلطة على إقليم جغرافي بعينه، ومن الطبيعي أن تكون عضوية الدولة استيعابية لكل من يحمل جنسيتها بصرف النظر عن الاختلاف في اللون أو الدين أو الجنس أو العرق، وهو ما يطلق عليه في العصر الحديث رابطة المواطنة في الدولة القومية.